فصل: عزل الوليد عن المدينة وولاية عمر بن سعيد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.عزل الوليد عن المدينة وولاية عمر بن سعيد.

ولما بلغ الخبر إلى يزيد بصنيع الوليد بن عتبة في أمر هؤلاء النفر عزله عن المدينة واستعمل عليها عمر بن سعيد الأشرق فقمها في رمضان واستعمل على شرطته عمر ابن الزبير بالمدينة لما كان بينه وبين أخيه من البغضاء وأحضر نفرا من شيعة الزبير بالمدينة فضربهم من الأربعين إلى الخمسين إلى الستين منهم المنذر بن الزبير وابنه محمد وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ومحمد ابن عمار بن ياسر وغيرهم ثم جهز البعوث إلى مكة سبعمائة أو نحوها وقال لعمر بن الزبير: من نبعث إلى أخيك؟ فقال: لا تجد رجلا أنكى له مني فجهز معه سعمائة مقاتل فيهم أنيس بن عمرو الأسلمي وعذله موران بن الحكم في غزو مكة وقال له: إتق الله ولا تحل حرمة البيت فقال: والله لنغزونه في جوف الكعبة وجاء أبو شريح الخزاعي إلى عمر بن سعيد فقال: سمعت رسول الله الله يقول: إنما أذن لي بالقتال فيها ساعة من نهار ثم عادت كحرمتها بالأمس فقال له عمر: نحن أعلم بحرمتها منك أيها الشيخ وقيل إن يزيد كتب إلى عمر بن سعيد أن يبعث عمر بن الزبير بالجيش إلى أخيه فبعثه في ألفي مقاتل وعلى مقدمته أنيس فنزل أنيس بذي طوى ونزل عمر بالأبطح وبعث إلى أخيه أن بريمين يزيد فإنه حلف أن لا يقبل بيعة إلا بيعة إلا أن يؤتي بك في جامعة فلا يضرب الناس بعضهم بعضا فإنك في بلد حرام فأرسل عبد الله بن الزبير من اجتمع له من أهل مكة مع عبد الله بن صفوان فهرموا أنيسا بذي طوى وقتل أنيس في الهزيمة وتخلف عن عمر بن الزبير أصحابه فدخل دار ابن علقمة وأجاره عبدة بن الزبير وقال لأخيه: قد أجرته فأنكر ذلك عليه وقيل: إن صفوان قال لعبد الله بن الزبير: أكفني أخاك أنا أكفيك أنيس بن عمرو وسار إلى أنيس فهزمه وقتله وسار مصعب بن عبد الرحمن إلى عمر فتفرق عنه أصحابه وأجاره أخوه عبدة فلم يجز أخوه عبد الله جواره وضربه بكل من ضربة بالمدينة وحبسه بسجن عارم ومات تحت السياط.

.مسير الحسين إلى الكوفة ومقتله.

ولما خرج الحسين إلى مكة لقيه عبد الله بن مطيع وسأله أين تريد؟ فقال: مكة وأستخير الله فما بعد فنصحه أن لا يقرب الكوفة وذكره قتلهم أباه وخذلانهم أخاه وأن يقيم بمكة لا يفارق الحرم حتى يتداعى إليه الناس ورجع عنه وترك الحسين بمكة فأقام والناس يختلفون إليه وابن الزبير في جانب الكعبة يصلي ويطوف عامة النهار وياتي الحسين فيمن يأتي ويعلم أن أهل الحجاز لا يلقوا إليه مع الحسين ولما بلغ أهل الكوفة بيعة يزيد ولحاق الحسين بمكة اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صرد وكتبوا إليه عن نفر منهم سليمان والمسيب بن محمد ورفاعه بن شداد وحبيب ابن مظاهر وغيرهم يستدعونه وأنهم لم يبايعوا للنعمان ولا يجتمعوا معه في جمعة ولا عيد ولو جئتنا أخرجناه وبعثوا بالكتاب مع عبد الله بن سبع الهمداني وعبد الله بن وال ثم كتبوا إليه بعد ليلتين نحو مائة وخمسين صحيفة ثم ثالثا يستحثونه للحاق بهم كتب له بذلك شيب بن ربعي وحجاز بن ابجر ويزيد بن الحرث ويزيد بن رويم وعروة بن قيس وعمر بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي فأجابهم الحسين: فهمت ما قصصتم وقد بعثت إليكمم ابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل يكتب إلي بأمركم ورأيكم فإن اجتمع ملؤكم على ما قدمت به رسلكم أقدم عليكم قريبا ولعمري ما الإمام إلا العامل بالكتاب القائم بالقسط الدين بدين الحق وسار مسلم فدخل المدينة وصلى في المسجد وودع أهله واستأجر دليلين من قيس فضلا الطريق وعطش القوم فمات الدليلان بعد أن أشارا إليهم بموضع الماء فانتهوا إليه وشربوا ونجوا فتطير مسلم من ذلك وكتب إلى الحسين يستعفيه فكتب إليه خشيت أن يكون حملك على ذلك إلا الجبن فامض لوجهك والسلام وسار مسلم فدخل الكوفة أول ذي الحجة من سنة ستين واختلف إليه الشيعة وقرأ عليهم كتاب الحسين فبكوا ووعدوه النصر وعلم مكانه النعمان بن بشير أمير الكوفة وكان حليما يجنح إلى المسالمة فخطب وحذر الناس الفتنة وقال: لا أقاتل من لا يقاتلني ولا آخذ بالظنة والتهمة ولكن إن نكثتم بيعتكم وخالفتم إمامكم فوالله لأضربنكم بسيفي ما دام قائمته بيدي ولو لم يكن لي ناصر فقال له بعض حلفاء بني أمية: لا يصلح ما ترى إلا الغشم وهذا الذي أنت عليه مع عدوك رأي المستضعفين فقال: أكون من المستضعفين في طاعة الله أحب إلي من أن أكون من الأعزين في معصية الله ثم تركه فكتب عبد الله بن مسلم وعمارة بن الوليد وعمارة بن سعد بن أبي وقاص إلى يزيد بالخبر وتضعف النعمان وضعفه فابعث إلى الكوفة رجلا قويا ينفد أمرك ويعمل عملك في عدوك فأشار عليه سرجون.